نداء إلى الرأي العام وقوي الإصلاح في مؤسسات الدولة والمعارضة
انطلاقا من دور المنبر المصري لحقوق الإنسان (المنبر) في السعي لبناء توافق عريض علي وثيقة تمثل مرجعية حقوقية لأي مشروع للإصلاح السياسي في مصر، فإنه يتقدم لفعاليات الرأي العام في مصر من المفكرين والأكاديميين والمثقفين والحقوقيين وقوي الإصلاح في مؤسسات الدولة (بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية) وفي المعارضة السياسية بالتصور التالي، آملا أن يحظي بالمناقشة والتنقيح وبالتفاعل البناء من مختلف الأطراف المعنية بتقدم مصر ورفاهية وحرية وكرامة المصريين. .
إن هدف أي عملية إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وديني، يجب أن يكون النهوض بمقدرات المصريين والدولة ومؤسساتها، وخلق بيئة مواتية للسلم الاجتماعي. ويقترح المنبر أن تشكل”بردية حقوق الإنسان“[1] الإطار الفكري لهذا الإصلاح من منظور حقوقي. تقوم فلسفة بردية حقوق اﻹنسان على احترام حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولي كحـد أدنـى. وعلي عدم تدخل الدولة لتنظيم المجال الخاص بشكل يتناقض مع معتقدات المواطنين، أو تنظم المجالين العام والخاص بشكل يتنـاقض مـع ضمانات حقوق الإنسان والحريات العامة.
ويقترح المنبر التوجه في عدة مسارات إجرائية متوازية ومتزامنة، وذلك في خمس حزم رئيسية تضم مجموعة من اﻹجراءات العاجلة لمواجهة أزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة في مصر، والتي تراكمت تداعياتها على مدار السنوات التي أعقبت ثورة يناير 2011، ووصلت لذروتها في ظل نظام حكم عبد الفتاح السيسي:
أولاً: حزمة اصلاحات اقتصادية
ثانيا: حزمة إصلاحات سياسية ومؤسسية
ثالثا: حزمة إصلاحات تشريعية
رابعا: حزمة إصلاحات العدالة الجنائية
خامسا حزمة إصلاحات ضرورية على طريق تحقيق العدالة الانتقالية والوصول للحقيقة
أولاً: حزمة اﻹصلاحات الاقتصادية
1) مراجعة كافة السياسات والإجراءات التي أدت إلى فرض نمط تمييزي اقتصادي واجتماعي مجحف بالطبقات الدنيا والوسطي، وادت إلي ارتفاع معدلات الدين الخارجي والداخلي لمستوي غير مسبوق في تاريخ مصر. علي ألا تخل هذه المراجعة بالتزامات مصر التعاقدية الدولية مع أطراف أخري.
2) إعادة تقييم جدوى كافة المشاريع الإنشائية الكبرى الجارية، خاصة تلك التي لم تجر لها دراسات جدوى مسبقة، والعمل على تطوير بيئة اقتصادية شفافة ومواتية للتوسع في الاستثمار وفي خلق فرص عمل جديدة ومنافسه عادلة، بما يمكن القطاعين العام والخاص ومؤسسات الاستثمار الأجنبي من العمل من أجل تحسين أوضاع الاقتصاد المصري وبما ينعكس إيجابيا على أوضاع المصريين المعيشية.
3) مراجعة سياسات التسلح الجارية منذ عام 2013 ومدي توافقها مع متطلبات مكافحة الإرهاب، وإعادة تقييم صفقات السلاح الباهظة الثمن التي جري أو جاري إبرامها في ضوء هذه المتطلبات، وفي ضوء الارتفاع غير المسبوق في ديون مصر الخارجية.
4) وقف استيراد معدات القمع والتعذيب والتجسس علي المواطنين.
ثانيا: حزمة إصلاحات سياسية ومؤسسية
1) خضوع كل مؤسسات وأجهزة الدولة لرقابة السلطات المدنية المنتخبة الجديدة.
2) حصر دور الجيش بالمهام التي أنشئ من أجلها، أي حماية حدود البلاد، بما في ذلك محاربة الإرهاب دون تكبيد المدنيين المسالمين خسائر إضافية، والعمل على تطوير كفاءته القتالية ميدانيا لهذا الغرض.
3) وقف تدخل الجيش في الشأن السياسي، وفي هياكل الحكم المحلي والحكومة المركزية والمجالس المنتخبة، وكافة المؤسسات المدنية بما في ذلك الإعلامية والفنية والدينية.
4) مراجعه سياسات مكافحة الإرهاب من منظور الفاعلية وحقوق الإنسان. ووقف التدخل العسكري الإسرائيلي في مكافحة الإرهاب في سيناء، وتعويض المدنيين الذين أضيروا في هذا السياق.
5) إعادة هيكلة علاقة الدولة مع كافة المؤسسات الدينية، بما يكفل استقلال هذه المؤسسات المالي والإداري عن السلطة التنفيذية، وكذلك الوقف الفوري لتدخلها العلني أو المستتر في الشأن السياسي وحريات الدين والضمير والمعتقد والحريات الشخصية ومجالات التعليم والإعلام والفنون والآداب.
6) الوقف الفوري لتدخل كافة الأجهزة الأمنية في الشأن السياسي ومجالات الإعلام والتعليم والفنون والآداب.
ثالثا: حزمة الإصلاح التشريعي
1) مراجعة كافة القوانين التي اعتمدها برلمان 2014 بالجملة دون دراسة أو مناقشة برلمانية جادة (نحو 300 مرسوم)، وأيضا القوانين العديدة المخالفة للدستور.
2) تفعيل قانون “إلغاء قانون التجمهر” الذي أقره البرلمان المصري منذ نحو 90 عاماً، وذلك بنشره في الجريدة الرسمية، والإفراج الفوري عن كافة المسجونين المحكوم عليهم بناء على القانون الملغي وتعويضهم.
3) التصديق على “ميثاق روما” الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية
4) وضع تشريع لانتخاب برلمان جديد، بحيث يكفل أن يكون معبرا عن الشعب ومتحررا من الوصاية الأمنية على تشكيله.
رابعا: حزمة إصلاحات العدالة الجنائية
1) وقف إحالة مدنيين إلى المحاكم العسكرية، وإعادة من حوكم أمامها أمام محاكم مدنية.
2) وقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام الصادرة منذ يوليو 2013 ، وإعادة المحاكمات مع الالتزام بالمعايير الدولية. 3)وقف استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة، واﻹفراج الفوري عن كل من تجاوز الفترة القانونية للحبس الاحتياطي.
4) اﻹفراج الفوري عن كل المسجونين في قضايا تتعلق بحرية الصحافة والرأي والتعبير السلمي وعن المرشحين في انتخابات رئاسة الجمهورية لعام 2018. وإغلاق الشق الثاني من القضية 173 الخاصة بمنظمات حقوق الإنسان المصرية، وما ترتب عليها من آثار.
5) تحسين ظروف السجون المصرية وخاصة الرعاية الصحية فيها بشكل فوري، وإنهاء الإجراءات التعسفية في مواجهه السجناء وعلى رأسها عقوبة الحبس الانفرادي. والسماح للجنة الصليب الأحمر الدولية بتقصي أوضاع السجون المصرية والوقوف على حالة السجناء ، كذلك السماح للمنظمات الحقوقية المصرية والدولية والمجلس القومي لحقوق الإنسان بزيارة السجون.
6) السماح لفريق من خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة للوقوف على أسباب وفاة الرئيس السابق محمد مرسي والتحقيق في الأمر. وكذلك محاسبة المسئولين عن الإهمال الطبي الذي تعرض له محمد مرسي.
خامسا حزمة إصلاحات ضرورية على طريق تحقيق العدالة الانتقالية والوصول للحقيقة
1) اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوصول للحقيقة عن فترة ما بعد 25 يناير 2011، والكشف عن جرائم حقوق الإنسان المرتكبة (بما في ذلك جرائم الحرب المحتمل أنها قد ارتكبت في سيناء ضد مدنيين مسالمين). ونشر تقارير لجان تقصي الحقائق التي سبق إعدادها عن أحداث جسيمة جرت خلال تلك الفترة الزمنية.
2) القيام بعملية تقييم للأحكام القضائية التي صدرت منذ فبراير 2011 في قضايا سياسية أو جري تسيسها، وكذلك المحاكمات الجارية في قضايا ذات طابع سياسي.
[1] وثيقة أعدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتشاور مع وبتوقيع 26 منظمة حقوقية في يوليو 2011، في إطار الحوار المجتمعي حول ما يجب أن يكون عليه دستور مصر الجديد. يمكن الاطلاع علي النص اﻷصلي للوثيقة على
https://cihrs.org/wp-content/uploads/2012/06/658.pdf
أجري المنبر تنقيحات تحريرية طفيفة على الوثيقة المرفقة بما يناسب إعادة طرحها بعد 8 سنوات للرأي العام.، ويمكن اﻹطلاع على النص المعدل على الرابط التالي: