عقد المنبر المصري لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والشبكة الأورومتوسطية للحقوق والجبهة المصرية لحقوق الإنسان بمشاركة الفنان خالد أبو النجا في العاصمة التشيكية، براج، مؤتمرًا اليوم أطلقوا فيه تحذيرًا حول توظيف الأسلحة التشيكية في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. واستعرض المؤتمر التقرير الذي أطلقته الجبهة المصرية اليوم تحت عنوان: “تصدير الانتهاك: حول تصدير الأسلحة الخفيفة من التشيك إلي مصر”.
تستمر جمهورية التشيك في تسليح أجهزة الأمن المصرية، بأنواع من الأسلحة الخفيفة، بما بلغ قيمته عام 2016 لأكثر من 41 مليون يورو ، وذلك على الرغم من الاتهامات الموجهة للسلطات المصرية بارتكاب انتهاكات جسيمة واسعة النطاق، ودائماً ما تستخدم السلطات بما فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي مبرر الحرب على الإرهاب، ذريعة لأعمال القمع، وبالرغم من معاهدة تجارة الأسلحة والموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوروبي التي تحظر تصدير الأسلحة لدول تقوم بانتهاكات حقوق الإنسان.
يهدف هذا التقرير إلى الكشف عن مشاركة جمهورية التشيك في القمع الذي عاشته مصر منذ صيف 2013، من خلال إمدادها بالأسلحة للنظام المصري منذ أكثر من 7 أعوام، والذي يقوم بانتهاك جسيم لحقوق مواطنيه في الحياة، ويرتكب وبشكل ممنهج جرائم التعذيب والإخفاء القسري والإعدام التعسفي، فضلًا عن انتهاكه للحق في التنظيم والتجمع وتقييد حرية الرأي والتعبير. الأمر الذي يعد خرقًا لالتزامات جمهورية التشيك الدولية كدولة موقعة في معاهدة تجارة الأسلحة، وخروجًا عن الموقف الأوروبي تجاه قضية تصدير الأسلحة لمصر بعد يوليو 2013.
ينقسم التقرير إلى أربعة أجزاء رئيسية: الجزء الأول يستعرض أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات المصرية خلال الأعوام التالية ليوليو 2013 والتي يشتبه باستخدام الأسلحة التشيكية في ارتكاب هذه الانتهاكات، مثل القتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسري والتعذيب والانتهاكات في إطار الحرب على الإرهاب في سيناء، مما يعد من أعمال القمع الداخلي التي تمارسها السلطة والتي تؤدي لحظر تصدير الأسلحة إليها، وفقًا لمعاهدة تجارة الأسلحة التي وقعت عليها جمهورية التشيك.
في حين يتناول الجزء الثاني من التقرير بالتفصيل التزامات جمهورية التشيك المتعلقة بعملية التصدير، والنابعة من القانون المحلي واتفاقية تجارة الأسلحة، والذي ينص على حظر تصدير الأسلحة حال استخدامها في أعمال قمع أو ارتكاب انتهاكات أو الإخلال بالمعاهدات الدولية، فضلًا عن الموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوروبي وقرارات البرلمان الأوروبي بخصوص مصر منذ يوليو 2013 وتوصياتهم بوقف تصدير المعدات والتكنولوجيا العسكرية لمصر في ظل تصاعد الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان.
بينما يوضح الجزء الثالث طبيعة العلاقات الدبلوماسية الرفيعة بين السلطات التشيكية والمصرية والتي يمكن ترجمتها في استمرار توافد الوفود الرسمية من الجانبين والتي ضمت بعضها رجال أعمال في الصناعات الدفاعية، هذا بالإضافة لتحليل الأرقام الواردة في عدد من تقارير وزارة الصناعة والتجارة التشيكية في الفترة من 2012-2017 والتي توضح تزايد قيمة صفقات الأسلحة المصدرة من جمهورية التشيك إلى مصر وتزايد عدد رخص التصدير لها.
أما الجزء الرابع من التقرير فيسلط الضوء على طبيعة استخدام الأجهزة الأمنية المصرية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، للسلاح التشيكي، واشتباه استخدامه في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المواطنين، مثل استخدام البندقية CZ SCORPION EVA أثناء فض اعتصام النهضة في 14 أغسطس 2013، فضلًا عما تكشفه تصريحات المسئوليين المصريين والتشيكيين عن نية الحكومة المصرية للحصول على رخصة تصنيع البندقية التشيكية CZ 807 داخل المصانع الحربية المصرية.
اعتمد هذا التقرير في تتبع صفقات الأسلحة المصدرة من التشيك إلى مصر على تحليل الأرقام الصادرة من تقارير وزارة الصناعة والتجارة التشيكية والمنشورة على موقعها الرسمي في الفترة من عام 2012-2017، كما استند في رصد الانتهاكات التي تمارسها السلطات المصرية على الأرقام الواردة في تقارير عدد من المنظمات الحقوقية داخل وخارج مصر.
كما استند هذا التقرير في تتبع استخدام السلطات المصرية للأسلحة التشيكية على تحليل عدد كبير من الفيديوهات التي أصدرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية، وعدد من الفيديوهات التي قامت بتسجيلها منصات إعلامية عدة، مثل المصري اليوم، هذا فضلًا عن تتبع تصريحات وزير الإنتاج الحربي المصري، ووزراء الخارجية التشيكي، وتصريحات مدير الشركة المصنعة لأسلحة تشيكية.
ويتقدم التقرير بعدد من التوصيات، أولها للحكومة التشيكية، والذي يجب عليها التوقف الفوري عن تصدير الاسلحة الخفيفة لمصر، والشفافية فيما يتعلق بتفاصيل الصفقات المبرمة، والإفصاح عن طريقة مراقبة ما ان كانت تلك الأسلحة يتم استعمالها في أعمال قمع وانتهاكات، وهو ما يجب على البرلمان التشيكي فتح تحقيق مستقل بخصوصه. كما يطالب التقرير أيضًا الاتحاد الأوروبي بالتأكد من التزام التشيك وباقي دول الأعضاء بمعايير تجارة الأسلحة ومواقف مؤسسات الاتحاد والبرلمان الأوروبي. وأخيرًا يطالب التقرير الحكومة المصرية احترام مبادىء حقوق الإنسان المكفولة بالمواثيق الدولية والتوقف الفوري عن ارتكاب الانتهاكات الحقوقية تحت شعار الحرب على الإرهاب.