(بيروت، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) – قالت 15 منظمة حقوقية اليوم إن السلطات المصرية تحتجز صلاح سلطان بمعزل عن العالم الخارجي منذ يونيو/حزيران 2020، في ظروف ترقى إلى الإخفاء القسري وقد ترقى إلى التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، في انتقام محتمل بسبب النشاط الحقوقي لابنه. في وقت سابق من الشهر نفسه، رفع محمد، نجل سلطان، الناشط الحقوقي البارز المقيم في الولايات المتحدة، دعوى مدنية أمام محكمة فدرالية أمريكية ضد رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي بموجب قانون “حماية ضحايا التعذيب” لدوره المزعوم في تعذيب محمد في مصر عام 2013.
أخفت السلطات قسرا صلاح سلطان في 15 يونيو/حزيران 2020، واحتجزته لأكثر من عام في مواقع رفضت الكشف عنها، قبيل السماح لاثنين من أفراد أسرته بزيارة مقتضبة إلى السجن في أغسطس/آب 2021. أثناء الزيارة، أبلغهم صلاح سلطان بظروف اعتقاله المروعة، بما فيها الحبس الانفرادي المطول منذ يونيو/حزيران 2020. لم ترد السلطات على استفسارات أسرته ومحاميه حول مكانه خلال إخفائه القسري، ورفضت منذئذ السماح له بالاتصال بأسرته أو بمحاميه، فأخضعته بذلك الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.
قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يبدو ما تعرض له صلاح سلطات من إخفاء قسري، واحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وسوء المعاملة كأعمال انتقامية تهدف إلى إلحاق الألم بمحمد سلطان بسبب عمله الحقوقي في الخارج. يجب محاسبة المسؤولين عن إخفاء سلطان وسوء معاملته أثناء الاحتجاز”.
في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، وصل وفد مصري رفيع المستوى إلى العاصمة واشنطن للمشاركة في “الحوار الاستراتيجي” المصري-الأمريكي، في وقت كثفت فيه الحكومة المصرية جهود علاقاتها العامة للإيحاء بأنها تستجيب للانتقادات الحقوقية.
اعتُقل صلاح سلطان، الذي عاش وعمل في الولايات المتحدة لأكثر من عقد وحيث لديه إقامة دائمة، في سبتمبر/أيلول 2013، وكان يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة منذ إدانته في سبتمبر/أيلول 2017 في محاكمة ناتجة عن احتجاجات يوليو/تموز 2013 ضد الإطاحة العسكرية بالرئيس السابق محمد مرسي. في 15 يونيو/حزيران 2020، نقله رجال الأمن من زنزانته في سجن وادي النطرون شمال غرب القاهرة واقتادوه إلى أماكن عدة لم يُكشف عنها.
قالت مصادر على اطلاع مباشر بالقضية إن السلطات سمحت لقريبين لسلطان بزيارته لمدة 30 دقيقة في سجن طرة شديد الحراسة سيئ الصيت بمجمع سجن طرة بالقاهرة في 25 أغسطس/آب 2021، وتحدثا إليه عبر نظام هاتفي في حضور عناصر الأمن. أضافت المصادر أن سلطان كان غير حليق الذقن وبدا خائفا وشاحبا وكأنه “من عالم آخر”.
أخبر قريبيه أنه خلال إخفائه لمدة 14 شهرا، أبقته السلطات في الحبس الانفرادي في عدة أماكن لم يتمكن من تحديدها. قالت المصادر إن صلاح لديه مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب الكبد الوبائي (سي)، وإنه مر بعدة حالات طبية طارئة خلال إخفائه القسري. أخبر سلطان أقاربه أن إدارة السجن حرمته من الرعاية الطبية المناسبة، وضروريات النظافة الأساسية مثل الصابون، وساعة لمعرفة الوقت، وملابس شتوية في أشهر الشتاء. رغم قبول إدارة السجن الأدوية التي قدمتها عائلته مؤخرا، من غير الواضح ما إذا كان قد حصل عليها بالفعل، حيث لا يُسمح له بالتواصل مع عائلته أو محاميه.
تعتبر الأمم المتحدة الاختفاء القسري “انتهاكا شنيعا لحقوق الإنسان وجريمة دولية”، وكذلك تفعل “اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب”. تنص “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” (“قواعد نيلسون مانديلا”) على أن الحبس الانفرادي المطول يمكن أن يرقى إلى مستوى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
قالت المصادر إنه قبل زيارة أغسطس/آب، تعرض القريبان لتفتيش “ينتهك الخصوصية ومهين” من قبل سلطات السجن، التي رفضت السماح لأي من محامي سلطان بحضور الزيارة. لم تتمكن الأسرة من زيارة صلاح سلطان منذ تلك الزيارة القصيرة أو إرسال طعام أو أدوية إليه. أضافت المصادر أيضا إنه لا “مؤشرات” لديها على ما إذا كان ما يزال في السجن حيث قابلته.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلن “فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” أن احتجاز سلطان تعسفي بسبب الانتهاكات العديدة للحق في محاكمة عادلة ودعا إلى الإفراج عنه فورا.
يبدو أن محمد سلطان، وهو ناشط حقوقي مصري أمريكي، تعرض للتعذيب أثناء سجنه بتهم ذات دوافع سياسية بين أغسطس/آب 2013 ومايو/أيار 2015. ثم أجبرته السلطات المصرية على التخلي عن جنسيته المصرية وسلمته إلى الولايات المتحدة، حيث شارك في تأسيس المنظمة الحقوقية المستقلة “مبادرة الحرية“.
اتخذت السلطات المصرية أيضا إجراءات انتقامية ضد أفراد آخرين من عائلة سلطان. في يونيو/حزيران 2020، اعتقلت السلطات خمسة أقارب له واحتجزتهم لمدة خمسة أشهر. في فبراير/شباط 2021، داهمت السلطات المصرية منازل ستة من أقاربه. تعتقد المنظمات الحقوقية أن هذا يشكل حملة مضايقة وترهيب متعمدة تهدف إلى إسكات نشاط محمد سلطان في الولايات المتحدة. الأعمال الانتقامية ضد عائلة سلطان هي جزء من نمط واسع من الممارسات الانتقامية ضد أقارب المعارضين والمنتقدين في الخارج، بما في ذلك الاختطاف – وهو نمط تصاعد في السنوات الأخيرة في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
في أكتوبر/تشرين الأول، اقترح مشرعون أمريكيون عدة تعديل “قانون الإذن بتخصيص اعتمادات لأغراض الدفاع الوطني” الذي يتطلب من وزارة الخارجية إبلاغ الكونغرس بأي مضايقات وأعمال انتقامية ضد “مواطني الولايات المتحدة، والأفراد في الولايات المتحدة، وأفراد أسر هؤلاء المواطنين والأفراد من قبل الأجهزة الأمنية للحكومة المصرية في مصر أو الولايات المتحدة”.
قالت لين معلوف، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “على السلطات المصرية إبلاغ أقارب صلاح سلطان فورا بمكانه والإفراج عنه. ريثما يتم الإفراج عنه، على السلطات إنهاء حبسه الانفرادي وضمان تواصله مع محام من اختياره، والاتصال بأسرته، والحصول على رعاية صحية كافية وفي الوقت المناسب”.
الموقعون:
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- الديمقراطية الآن للعالم العربي
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- لجنة العدالة (Committee for Justice)
- مبادرة الحرية
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- منظمة العفو الدولية
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش